Uncategorized
تدابير في الأمن السيبراني يجب على كل مؤسسة مالية معرفتها

تدابير في الأمن السيبراني يجب على كل مؤسسة مالية معرفتها

في العصر الرقمي الحالي، تواجه المؤسسات المالية موجة غير مسبوقة من الهجمات السيبرانية، فقد أصبحت البنوك وشركات التكنولوجيا المالية واتحادات الائتمان في الخطوط الأمامية، بينما يواصل القراصنة والمحتالون والجهات المدعومة من بعض الدول تطوير أساليبهم، وسواء تمثّل الهجوم في رسالة تصيّد أو برنامج فدية، فإن أي حادثة سيبرانية قد تكون كارثية من ناحية الخسائر المالية والسمعة وتعطّل الأعمال.

ولهذا السبب، لم يعد الأمن السيبراني مجرد مسألة تقنية أو مسؤولية قسم تكنولوجيا المعلومات، بل أصبح أولوية استراتيجية على مستوى المؤسسة بأكملها، إذ يتعيّن على أي جهة مالية – مثل بنك كبير أو شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا المالية أو اتحاد ائتماني – أن تبني منظومة أمنية قوية تشمل التكنولوجيا والأفراد والعمليات.

وقد أشاد البنك المركزي السعودي بضرورة تحديد سياسة الأمن السيبراني واعتمادها، بهدف توثيق التزام المؤسسة المالية وأهدافها المتعلقة بالأمن السيبراني، وإبلاغ أصحاب المصلحة المعنيين بذلك.

الأمن السيبراني في القطاع المالي

يشمل الأمن السيبراني في القطاع المالي جميع الإجراءات والتقنيات المصممة لحماية الأصول الرقمية وبيانات العملاء والعمليات التجارية من الهجمات السيبرانية، ونظراً لأن هذا القطاع يتعامل مع معلومات حساسة ومعاملات مالية ضخمة، فإنه يُعد من أكثر الأهداف جاذبية للمجرمين الإلكترونيين. ولهذا، يتعيّن على المؤسسات المالية اعتماد ممارسات أمنية صارمة واستخدام تقنيات متقدمة وتنفيذ مراقبة مستمرة للكشف عن التهديدات السيبرانية ومنعها والاستجابة لها.

وبحسب بيانات Statista، بلغ متوسط التكلفة العالمية لخرق البيانات في القطاع المالي هذا العام نحو 6.08 مليون دولار، مقارنة بـ 5.90 مليون دولار في العام السابق – وهو رقم كبير يبرز مدى الحاجة الملحّة لتطبيق ضوابط أمن سيبراني قوية عبر هذا القطاع ومع التطور المستمر للتهديدات الإلكترونية، باتت الهجمات على المؤسسات المالية أكثر تعقيداً واحترافية من أي وقت مضى، مما يستدعي تطويراً مستمراً لممارسات الأمن السيبراني لمواجهة هذه المخاطر المتزايدة.

تدابير الأمن السيبراني لحماية المؤسسات المالية

بناء استراتيجية أمن سيبراني فعّالة في القطاع المالي يتطلب اعتماد نهج متعدد الطبقات يشمل إجراءات وقائية وأدوات للكشف المبكر وآليات للاستجابة الفورية، ولتعزيز الحماية وتقليل المخاطر ينبغي على المؤسسات المالية التركيز على مجموعة من الخطوات الأساسية التي تشكّل حجر الأساس لأي منظومة أمنية ناجحة، وفي حال لا تملك هذه المؤسسات فريق أمني قوي، فيمكنها الاعتماد على خدمات أمنية رسمية مثل الحوكمة ، إدارة المخاطر والإمتثال لتحقيق أقصى درجة من الأمان.

1. إعداد خطة متكاملة للاستجابة للحوادث السيبرانية

من الضروري أن تمتلك كل مؤسسة مالية خطة واضحة ومحددة للتعامل مع الحوادث السيبرانية، إذ تساعد خطة الاستجابة الجيدة المؤسسة على اكتشاف التهديدات والسيطرة عليها وتقليل آثارها قبل أن تتحول إلى أزمة كبيرة.

تشمل هذه الخطة مراحل أساسية مثل الكشف عن التهديد والتواصل مع الأطراف المعنية واحتواء الحادث والحفاظ على الأدلة، بالإضافة إلى تحليل ما حدث بعد انتهاء الأزمة. ولضمان فعاليتها الحقيقية، ومن المهم اختبار الخطة بشكل دوري وتحديثها باستمرار لتواكب تطور التهديدات.

2. تنفيذ تدريبات دورية ومحاكاة للهجمات

الاستعداد لا يكتمل دون تدريب، إذ تحتاج المؤسسات المالية إلى إجراء تدريبات سيبرانية ومحاكاة واقعية لهجمات مثل برامج الفدية أو تسرب البيانات أو الاحتيال المالي، وتوفر هذه المحاكاة فرصة للتعرف على نقاط الضعف في التواصل واتخاذ القرار والاستجابة التقنية. كما أنها تشجع فرق الإدارة والامتثال وتقنية المعلومات على العمل جنبًا إلى جنب لبناء دفاعات أكثر قوة.

هذا الإجراء يجعل الموظفين يعيشون التجربة حتى لا يتفاجؤوا عند حدوث خرق، ويكون لديهم الخبرة للتصرف بسرعة في الحالات الطارئة.

3. تعزيز ضوابط الوصول والصلاحيات

غالبية الهجمات السيبرانية تبدأ من بيانات دخول مسروقة. ولذلك، يجب تطبيق المصادقة متعددة العوامل على جميع الأنظمة الحساسة، وإدارة الصلاحيات بحيث يحصل كل موظف على ما يحتاج إليه فقط، لا أكثر.

ومن جهة أخرى تسهم إدارة الهوية والوصول IAM الصحيحة في تعزيز الحماية الداخلية والحد من احتمالات إساءة الاستخدام أو سرقة بيانات الدخول. 

4. تشفير البيانات والنسخ الاحتياطي المستمر

البيانات هي العمود الفقري لأي مؤسسة مالية، ولذلك فإن تشفيرها أثناء النقل والتخزين أصبح ضرورة ملحّة، وحتى لو نجح المهاجم في الوصول إلى البيانات، فإن التشفير يمنعه من قراءة المعلومات أو استغلالها، كما يجب إجراء نسخ احتياطية منتظمة وتخزينها في مواقع خارجية أو عبر خدمات سحابية، لحماية المعلومات من الفقدان سواء بفعل الهجمات أو الأعطال التقنية.

5. مراقبة المعاملات والكشف عن الاحتيال

تبدأ الجرائم المالية غالباً بإجراء صغير يمرّ دون ملاحظة: تحويل مالي غير معتاد – فتح حساب مشبوه – تغيير مفاجئ في نمط تعامل أحد العملاء، وهنا تبرز أهمية الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في اكتشاف هذه الأنشطة.

يساهم تحليل أنماط المعاملات في رصد التحويلات المتكررة أو التعامل مع مناطق عالية الخطورة أو السلوكيات غير الطبيعية، وهذه المراقبة لا تساعد فقط في الامتثال لمعايير مكافحة غسل الأموال (AML) ومعايير “اعرف عميلك” (KYC) بل تشكل أيضاً أداة مهمة جداً للوقاية من الاحتيال قبل وقوعه.

6. دمج الأمن السيبراني مع الامتثال المالي

لم يعد بالإمكان فصل الأمن السيبراني عن الامتثال، فمعايير مثل مكافحة غسل الأموال (AML) ومعرفة العميل (KYC) واللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) تتطلب جميعها حماية صارمة لبيانات العملاء. التكامل بين الأمن السيبراني والامتثال يمنح المؤسسات:

– قدرة أعلى على كشف التهديدات

– تقارير امتثال أكثر دقة

– جاهزية أكبر للمراجعات

– تعزيزاً لثقة العملاء

7. بناء ثقافة المرونة السيبرانية

الأمن السيبراني ليس تطبيقاً منفرداً يُنفذ دفعةً واحدة، بل هو عملية مستمرة لتعزيز المرونة السيبرانية، فمن الضروري إرساء ثقافة تُركز على الأمن السيبراني في المؤسسات المالية، حيث تُدرك جميع الإدارات، بما في ذلك قسم الامتثال وخدمة العملاء، أهمية حماية البيانات ومنع التهديدات.

ينبغي على القادة دعم الحلول الشاملة، حيث تُجرى نقاشات مفتوحة حول المخاطر المحتملة والاستثمارات الأمنية وإدارة الحوادث، فالمؤسسات المرنة لا تكتفي بالرد على الهجمات، بل تستعد لها وتتكيف معها وتصبح أقوى مع كل تحدي.

8. الاستفادة من التقنيات الأمنية المتقدمة

مع تطور الهجمات، تتطور كذلك أدوات المواجهة، يمكن للمؤسسات المالية اليوم الاعتماد على:

أنظمة ذكاء اصطناعي لكشف السلوكيات الشبكية غير الطبيعية

تقنيات البلوك تشين لتأمين المعاملات

استخدام الثقة الصفرية (Zero Trust) للتحقق من كل عملية وصول

أدوات حماية السحابة للبيئات الرقمية والبعيدة

9. مواكبة التهديدات المتغيرة باستمرار

اليوم تظهر أنواع جديدة من الهجمات مثل التزييف العميق (Deepfakes) والتصيد المتقدم وهجمات الفدية الحديثة، ولذلك يجب على المؤسسات المالية تحديث أنظمتها باستمرار وتطبيق التصحيحات الأمنية وإجراء تدقيق خارجي والتعاون مع الخبراء والهيئات التنظيمية للبقاء على اطلاع على أحدث التهديدات. يمكن الاعتماد على شركة جوشن كشريك سيبراني للشركات والمؤسسات المالية.

وفي النهاية، يدور عالم المال حول الثقة، وهذه الثقة لا يمكن ترسيخها إلا من خلال أمن سيبراني قوي، ومع تزايد تهديدات الجرائم المالية والاحتيال الرقمي، أصبحت المؤسسات المالية مطالبة باتخاذ إجراءات استباقية واستراتيجية وذكية لحماية أنظمتها وبيانات عملائها.

ويمكن للجهات المالية مواجهة التهديدات الحديثة من خلال وضع خطط فعّالة للاستجابة للحوادث السيبرانية، وإجراء تدريبات دورية لمحاكاة الهجمات، وتعزيز ثقافة الوعي الأمني داخل المؤسسة، فمستقبل القطاع المالي يعتمد على المؤسسات التي لا تتقن إدارة أموالها فحسب، بل تمتلك أيضًا القدرة على حمايتها بذكاء وكفاءة.

Author

Ayman Ismail

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *