تقييم المخاطر السيبرانية.. الخطوة الأولى نحو أمن أقوى
كشف تقرير اختراق البيانات السنوي لعام 2023 عن زيادة كبيرة بنسبة 72% في الاختراقات بالولايات المتحدة منذ 2021، وهذه النسبة مستمرة في الصعود، ومع تسارع التطور الرقمي تؤكد هذه الزيادة في التهديدات الإلكترونية على الحاجة الملحة لحماية البيانات والأنظمة الحساسة. لذلك، يُعد تقييم مخاطر الأمن السيبراني عنصراً أساسياً في أي خطة أمنية متكاملة.
ورغم زيادة الهجمات السيبرانية البارزة، فإن العديد من الشركات تعاني من الفوضى في نهجها تجاه الأمان، وبينما لم يعد ممكنا ضمان حماية 100% ضد الخروقات، فإن الشركات تعرض نفسها للخطر بسبب عدم فهمها الكافي والاستعداد للمخاطر التي تواجهها.
ولعل الخطوة الأولى التي يمكن أن تتخذها الشركة لتحسين أمانها هو إجراء تقييم شامل لمخاطر تكنولوجيا المعلومات، وهذا الأمر ضروري لفهم نقاط الضعف داخل الشركة، بالإضافة إلى التهديدات الخارجية المحتملة، وأي شركة تحاول وضع استراتيجية أمنية لتكنولوجيا المعلومات دون هذه المعرفة ستكون بمثابة إلقاء المال على المشكلة، وهذا النهج سيغفل بالتأكيد الأخطاء الأساسية في إدارة تكنولوجيا المعلومات التي تسهل الهجمات وتؤدي إلى خروقات غير مقصودة.
ما هو تقييم مخاطر الأمن السيبراني؟
تقييم مخاطر الأمن السيبراني هو عملية منهجية تهدف إلى تحديد وتحليل وترتيب المخاطر التي قد تهدد أمن المعلومات داخل الشركة أو المؤسسة، مثل هجمات التصيد الاحتيالي (Phishing)، وبرامج الفدية (Ransomware)، بالإضافة إلى نقاط الضعف مثل برامج قديمة أو كلمات مرور ضعيفة.
يساعد هذا التقييم الشركات على فهم مدى تأثير هذه المخاطر على سير عملها اليومي وبياناتها المهمة مثل معلومات العملاء والبيانات المالية ومستوى الحماية العام لديها، ومن خلال دراسة هذه المخاطر بدقة يمكن لشركتك اتخاذ إجراءات تصحيحية مناسبة لحماية أنظمتها وضمان سلامة بياناتها.
لماذا ننصح بإجراء تقييم لمخاطر الأمن السيبراني لشركتك؟
وفقا لتقرير شركة (Verizon) لعام 2022 ارتفعت هجمات برامج الفدية بنسبة 13%، كما أشار تقرير (IBM) لعام 2024 أن متوسط تكلفة اختراق البيانات عالميا بلغ 4.88 ملايين دولار، وهو أعلى رقم سُجل حتى الآن، بزيادة قدرها 10% عن العام الماضي.
وفي ظل هذه التهديدات المتزايدة، يصبح من الضروري إجراء تقييم لمخاطر الأمن السيبراني لشركتك، لأنه يساعدك على اكتشاف نقاط الضعف مبكراً ومعالجتها قبل أن تتسبب في أضرار فعلية، ومن خلال هذه التقييمات يمكن للشركات اتخاذ إجراءات وقائية لحماية أنظمتها وبياناتها الحساسة.
كما أن التقييم المنتظم يساعد في الالتزام بالأنظمة والقوانين المتعلقة بحماية البيانات، مثل اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR)، وقانون خصوصية المستهلك في كاليفورنيا (CCPA)، ومعيار ISO 27001.
يمكنك الاطلاع على خدمتنا الحوكمة، وإدارة المخاطر، والإمتثال (GRC) لمساعدتك في تقييم مخاطر الأمن السيبراني التي قد تستهدف شركتك.
اختيار إطار عمل للمخاطر
نتيجةً للتعقيد الموجود، عادة ما تلجأ معظم الشركات إلى إحدى أطر تقييم المخاطر الموجودة مسبقاً التي تم تطويرها على مدى العقود القليلة الماضية مع نضوج صناعة تكنولوجيا المعلومات، ورغم أن هذه الأطر تُعتبر موارد مفيدة للغاية، إلا أنه يجب على الشركات ألا تعتمد عليها تماماً لتشكيل استراتيجيتها.
لا تزال هناك العديد من الشركات تتبع إطار عمل مُعد مسبقاً وتتعامل معه كإجراء روتيني، ولا يوجد شيئان على نفس القدر من التشابه، لذا يمكن أن تكون أطر التقييم بمثابة دليل عام فقط ونقطة انطلاق، وربما يكون الخيار الأكثر شيوعاً لأطر تقييم المخاطر هو تلك التي أنشأها المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا (NIST) والذي يستخدم معيار (NIST 800-53) وإطار عمل الأمن السيبراني (CSF) بانتظام من قبل الوكالات الحكومية والمؤسسات التعليمية بالإضافة إلى الشركات الخاصة.
على ماذا ستحصل عند تقييم مخاطر الأمن السيبراني
إن إجراء تقييم لمخاطر الأمن السيبراني يمنح شركتك عدة فوائد مهمة، كما يمكنك الحصول على صورة واضحة لنقاط الضعف ومعرفة الثغرات التي قد يستغلها المهاجمون بالإضافة إلى اكتساب قدرة أفضل على التخطيط والاستجابة والامتثال للأنظمة، وسنذكر أهم الفوائد.
كشف نقاط الضعف: يساعد التقييم في اكتشاف الثغرات ومواطن الخلل في الأنظمة قبل أن يستغلها المخترقون.
تحسين إدارة المخاطر: يمكّن التقييم الشركات من ترتيب المخاطر حسب أولويتها، وتوزيع الموارد المناسبة للتعامل معها بفعالية.
تحقيق الالتزام بالأنظمة: يساعد التقييم في التعرف على مناطق القصور في الالتزام بالقوانين، ما يُمكّن المسؤولين من وضع سياسات أكثر صرامة لمعالجة هذه المشكلات.
تعزيز وسائل الحماية: يوفر التقييم معلومات تساعد في تطبيق وسائل حماية أقوى ومصممة خصيصاً لمواجهة التهديدات المحتملة وظروف المؤسسة.
رفع ثقة العملاء والشركاء: التقييم المنتظم يعزز ثقة العملاء والمستثمرين ويعكس التزام المؤسسة بحماية بياناتها واستمرارية أعمالها.
متى يجب إجراء تقييم لمخاطر الأمن السيبراني؟
يُفضل إجراء تقييمات مخاطر الأمن السيبراني بشكل دوري خاصة عند حدوث تغييرات كبيرة مثل اندماج الشركات أو تعديل في البنية التحتية لتقنية المعلومات أو إدخال تقنيات جديدة أو تحديثات للأنظمة. ويُنصح بأن يتم التقييم مرة واحدة على الأقل كل عام، لضمان مواكبة التهديدات الأمنية الجديدة.
كذلك، من الضروري إجراء تقييم للمخاطر بعد أي حادثة أمنية كبيرة أو اختراق، بهدف تحديد الثغرات ومعالجتها، لأن التقييم المنتظم و المبكر يساعد المؤسسات على الحفاظ على مستوى عالٍ من الحماية والتكيّف مع التهديدات المتغيرة باستمرار.
أهم الخطوات لإجراء تقييم فعال لمخاطر الأمن السيبراني
إن إدراك تعقيدات تقييم مخاطر الأمن السيبراني أمر ضروري لحماية الموارد الحساسة في أي شركة أو مؤسسة، فيما يلي خطوات أساسية تساعدك في إجراء هذا التقييم بفعالية:
1. تحديد الأصول الهامة وتحديد أولوياتها: ابدأ بحصر الأصول المهمة مثل الأجهزة والبرمجيات والبيانات ومكونات الشبكة، ثم قيّم مدى أهمية كل أصل في العمليات اليومية، وتركز هذه الخطوة على حماية الأجزاء الأكثر قيمة وضعفا في البنية التحتية الأمنية.
2. كشف التهديدات والثغرات: قم بتحليل شامل لتحديد التهديدات الداخلية والخارجية التي يمكن أن تؤثر على الأصول، واستخدم أدوات متخصصة لتقييم الثغرات، وهذا يساعد في فهم المخاطر المحتملة ووضع حدود لقبولها أو تحملها.
3. تقييم تأثير المخاطر واحتمالية حدوثها: حدد مدى خطورة كل تهديد وما احتمال وقوعه، وفكر في العواقب المحتملة مثل الخسائر المالية أو الإضرار بسمعة الشركة أو توقف العمل، ومن المفيد استخدام مصفوفة للمخاطر أو معايير محددة لتبرير مستوى الخطورة (منخفض، متوسط، مرتفع)، مما يسهل ترتيب الأولويات واتخاذ الإجراءات المناسبة.
4. وضع وتنفيذ استراتيجيات التخفيف: بناءً على التقييم، طور خططاً لتقليل احتمالية وتأثير التهديدات، مثل: تركيب أنظمة حماية وتفعيل المصادقة الثنائية وتحديث السياسات الأمنية وتدريب الموظفين.
5. المراقبة والمراجعة المستمرة: تابع نتائج تقييم المخاطر بشكل منتظم لاكتشاف التهديدات أو الثغرات الجديدة، وكذلك التغييرات في بيئة العمل داخل المؤسسة، وابدأ بتوثيق جميع السيناريوهات التي تم تقييمها ضمن ملف مخاطر محدّث، ولا تنسى متابعة ذلك من خلال التقييمات الدورية وعمليات التدقيق والاختبارات للتحقق مما إذا كانت استراتيجيات التخفيف والسياسات الأمنية المحدثة لا تزال فعالة وقادرة على التعامل مع المخاطر المتغيرة.